بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام:
((عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ))
(صحيح البخاري)
ذكرت من قبل أن للفقهاء في أصول الفقه قاعدة رائعة وهي: أنه قد يذكر النبي شيئاً محدداً يتناسب مع بيئته ومع طبيعة الحياة في عصره، فإذا قال مثلاً: تجب الزكاة في القمح والشعير والزبيب والتمر.
إذاً بلاد فيها محصول رز بالملايين ألا زكاة عليه ؟ بلاد فيها محاصيل كالتفاح مثلاً بالملايين فالعلماء قالوا: تجب في علتها لا في عينها، ما علة القمح ؟ أنه محصول استراتيجي، ما علة الشعير ؟ أنه محصول استراتيجي مهم جداً أساسي من عالم إلى عام، ما علة الزبيب ؟ محصول عام مجفف، ما علة التمر ؟ محصول أساسي فأي محصول في بلد آخر له الصفة نفسها يقاس عليها، قالوا: لا يقضي القاضي حكماً وهو غضبان، لأن الغضب يبعده عن الحق، إذا ابنه مريض معه مرض خطير والتقرير التهاب سحايا ويموت فالقاضي مضطرب، إذاً يحمل على الغضب وقد حمل الفقهاء على غضب القاضي ثلاثاً وثلاثين حالة كلها ينبغي ألا يحكم فيها القاضي حكماً لأنه مضطرب، هذا الفهم الفقهي دقيق جداً، فهم القياس، الخمر محرمة وعندنا مائة اسم للخمر الآن لن ترد في كتاب الله، مادامت العلة متحدة وهي الإسكار، فكل مسكر حرام، النبي عليه الصلاة و السلام قال: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثُّومَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا لو طبقنا هذا الحديث على القاعدتين السالفتين: إنسان يأتي بثياب العمل ولها رائحة كريهة، حداد يأتي بثياب العمل هذه تحمل على أكل الثوم، إنسان يجلس جلسة تعيق الأخوة المتأخرين عن رؤية المتكلم، يجلس جلسة متطاول بها، إنسان يضع كرسي في نصف الجامع يصلي على الكرسي، لكن ضعه وراء عامود، فيحمل على موضوع إيذاء المسلمين في المسجد أشياء كثيرة جداً، أي شيء يؤذي المسلم في المسجد ينبغي أن تمتنع عنه، يوجد درس علم ممكن أن تصلي صلاة فردية لا نريد أن نصلي صلاة جماعية ونرفع صوتنا إلى درجة أنه يشوش على الدرس، هذا يؤذي أيضاً، أحياناً تفعل شيئاً بإحضار ابنك الصغير وغير منضبط يشوش على المصليين صلاتهم ودرسهم، أحياناً تأتي بابنك الذي لم يضبط نفسه بعد فيبول على سجاد المسجد فالنبي قال حالة واحدة، كما أن أكل هذه الشجرة الثوم يؤذي من في المسجد.
مرة اضطررت إلى أن أصور فزرت طبيب عنده تصوير بانورامي قال لي: أنا سنتان لم أتخلف عن خطبة واحدة في مسجد النابلسي إلا مرة واحدة كانت الأخيرة، قال: صليت خلف إنسان لجواربه رائحة لا تحتمل فترك المسجد، أنا لا أقره على عمله، ولكن أحمل هذا الذي جاء إلى المسجد ولم يغسل جوربيه فكان سبب أذى للمسلمين، فهذا بيت الله.
﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)﴾
(سورة الحج)
في مسجد انتهى الدرس تكلم اثنان مع بعضهما بعضاً بصوت مرتفع وكأنهما في الطريق مرتاح، هذا بيت الله هناك من يصلي، هذا الذي يصلي سمع كل الكلام، سمع المناقشة والمساومة.
﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)﴾
(سورة الجن)
كما أن الفقهاء حملوا على غضب القاضي ثلاثاً وثلاثين حالة، وكأنما الفقهاء حملوا على القمح والشعير والزبيب والتمر كل محصول أساسي كذلك يحمل على من أكل من هذه الشجرة عدم غسل الجوربين.
الاغتسال يوم جمعة اغتسل ولو مداً بدينار، لو أن مد الماء بدينار اغتسل بل إن غسل الجمعة يرقى إلى مستوى الوجوب، يكاد يكون واجباً، الإنسان يستحم روائح العرق تذهب، الجلد له رائحة طيبة، قالت: يا بنيتي إن الماء أطيب الطيب المفقود، اكتشف العلماء أن للجلد رائحة عطرة لمجرد أن تغتسل اغتسال جيد، تفوق رائحة الجلد العطرة، ابنك الصغير غسّله وشمّه تجد رائحة حلوة تنبعث من جلده، فالله هيأ الإنسان برائحة عطرة، فلذلك: والماء أطيب الطيب المفقود، الذي لا يوجد عنده عطر غالي الزجاجة بخمسة أو ستة آلاف فقط ينظف نفسه، هو معطر جاهز عنده عطر، فالاغتسال غسل الجوارب عدم القدوم بثياب العمل إلى المسجد عدم التشويش على المصليين عدم إيذائهم بمكان مرتفع، يجلس جلسة هو طويل ما شاء الله والله يمده طول أيضاً يجلس جلسة خاصة فحجب زاوية بكاملها عن المتكلم، لا يهمه هو مرتاح أو يصلي على كرسي بنصف المسجد، هذه لا تصح، أو يحدث أخيه بحديث دنيوي في المسجد، شوش على المصليين، أو يصلي جماعة بعد الجماعة الأولى بصوت مرتفع وكأنه وحده في المسجد، هذا كله محمول، أي أذى يلحق بالمصليين محرم في دين الله، أو ابن غير منضبط في لعبه أو في خروجه والله مئات المرات طفل صغير قضى حاجته فوق سجاد المسجد ! شيء مؤلم جداً، المؤمن لطيف ظله خفيف، كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته لف ثوبه، هل يمكن أن ينقظ حفيف الثوب إمرأته ؟ ومع ذلك مبالغة في الاحتياط كان إذا دخل بيته لف ثوبه، كان إذا صافح أحد أصحابه لا يسحب يده أولاً مبالغة في المودة، فأي شيء يلهي الأخوة الكرام في المسجد هذا محرم، هذا الحديث له ثلاث روايات:
(( مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ))
وفي رواية ثانية: مساجدنا أي مسجد وفي رواية ثالثة: لا يأتين المساجد
لكن هل خطر في بالكم مرة في الحياة أن تفهموا هذا الحديث على الشكل التالي إن أردت أن لا تصلي الجمعة فكل الثوم أصبحت معذوراً عند الله، ماقولك ؟ والله هناك من يفهم هذا الحديث هكذا ! جالس مرتاح بالبيت والمكان بعيد للذهاب لصلاة الجمعة لن أذهب، أعطني يا امرأة سنان من الثوم أكلهم انتهى معذور، وفي حديث آخر:
((.... مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا أَوْ لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا ))
(صحيح البخاري)
والله برمضان كل الناس يصنعون فتة بالبدوة وثوم عيار أربعة أعلى عيار وكلما حب الواحد أن يخرج نفس من فمه يؤذي سبعة هكذا وسبعة هكذا، تخرج من جلدك في الصلاة وقتها لماذا يعزف الناس أحياناً عن صلاة الجماعة ؟ من أمثال هؤلاء المصليين، حديث ثالث:
(( لآعَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ.... ))
(صحيح البخاري)
وفي رواية لمسلم:
((عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ و قَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ))
(صحيح مسلم)
طبعاً إياكم أن تفهموا أن الثوم محرم أكله بالعكس مفيد جداً وهو معقم ومطهر ويخفف الضغط ثابت جداً، لكن يوم الجمعة صعب أن تتخلى عن أكلتك المفضلة ؟ أما أيام الأسبوع لا يهم، وإن أكلته مطبوخاً لا رائحة له، وفي حبوب مفيدة جداً مغلفة بغلاف أيضاً لا رائحة لها، ممكن أن نحتال على هذا الشجر
والحمد لله رب العال