المكتبة الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المكتبة الاسلامية

كل مايخص الاسلام
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 250
تاريخ التسجيل : 30/08/2017

بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 4   بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 4 Emptyالجمعة سبتمبر 01, 2017 2:51 am

{2} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
سُورَة الْفَاتِحَة :

وَفِيهَا أَرْبَعَة أَبْوَاب :

[ الْبَاب الْأَوَّل فِي فَضَائِلهَا وَأَسْمَائِهَا ] وَفِيهِ سَبْع مَسَائِل

الْأُولَى : رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا أَنْزَلَ اللَّه فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل مِثْل أُمّ الْقُرْآن وَهِيَ السَّبْع الْمَثَانِي وَهِيَ مَقْسُومَة بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ) . أَخْرَجَ مَالِك عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَعْقُوب : أَنَّ أَبَا سَعِيد مَوْلَى [ عَبْد اللَّه بْن ] عَامِر بْن كُرَيْزٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى أُبَيّ بْن كَعْب وَهُوَ يُصَلِّي ; فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : أَبُو سَعِيد لَا يُوقَف لَهُ عَلَى اِسْم وَهُوَ مَعْدُود فِي أَهْل الْمَدِينَة , رِوَايَته عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَحَدِيثه هَذَا مُرْسَل ; وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى رَجُل مِنْ الصَّحَابَة لَا يُوقَف عَلَى اِسْمه أَيْضًا رَوَاهُ عَنْهُ حَفْص بْن عَاصِم , وَعُبَيْد بْن حُنَيْنٍ. قُلْت : كَذَا قَالَ فِي التَّمْهِيد : لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اِسْم . وَذُكِرَ فِي كِتَاب الصَّحَابَة الِاخْتِلَافُ فِي اِسْمه . وَالْحَدِيث خَرَّجَهُ الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى قَالَ : كُنْت أُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فَدَعَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أُجِبْهُ , فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّه إِنِّي كُنْت أُصَلِّي ; فَقَالَ : ( أَلَمْ يَقُلْ اللَّه " اِسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ " ) [ الْأَنْفَال : 24 ] - ثُمَّ قَالَ - ( إِنِّي لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَة هِيَ أَعْظَم السُّوَر فِي الْقُرْآن قَبْل أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِد ) ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي , فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْت لَهُ : أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَة هِيَ أَعْظَم سُورَة فِي الْقُرْآن ؟ قَالَ : ( الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْع الْمَثَانِي وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيته ) . قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْره : أَبُو سَعِيد بْن الْمُعَلَّى مِنْ جُلَّة الْأَنْصَار , وَسَادَات الْأَنْصَار , تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيّ , وَاسْمه رَافِع , وَيُقَال : الْحَارِث بْن نُفَيْع بْن الْمُعَلَّى , وَيُقَال : أَوْس بْن الْمُعَلَّى , وَيُقَال : أَبُو سَعِيد بْن أَوْس بْن الْمُعَلَّى ; تُوُفِّيَ سَنَة أَرْبَع وَسَبْعِينَ وَهُوَ اِبْن أَرْبَع وَسِتِّينَ سَنَة , وَهُوَ أَوَّل مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَة حِينَ حُوِّلَتْ , وَسَيَأْتِي . وَقَدْ أَسْنَدَ حَدِيث أَبِي يَزِيد بْن زُرَيْعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْح بْن الْقَاسِم عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي وَهُوَ يُصَلِّي ; فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ . وَذَكَرَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ فِي كِتَاب الرَّدّ لَهُ : حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْد اللَّه الْوَرَّاق حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شَيْبَان عَنْ مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد قَالَ : إِنَّ إِبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّه - رَنَّ أَرْبَع رَنَّات : حِين لُعِنَ , وَحِين أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّة , وَحِين بُعِثَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحِين أُنْزِلَتْ فَاتِحَة الْكِتَاب , وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ.

الثَّانِيَة : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَفْضِيل بَعْض السُّوَر وَالْآي عَلَى بَعْض , وَتَفْضِيل بَعْض أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى الْحُسْنَى عَلَى بَعْض , فَقَالَ قَوْم : لَا فَضْلَ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ , لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَام اللَّه , وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَا مُفَاضَلَة بَيْنَهَا . ذَهَبَ إِلَى هَذَا الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ , وَالْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الطَّيِّب , وَأَبُو حَاتِم مُحَمَّد بْن حِبَّان الْبُسْتِيّ , وَجَمَاعَة مِنْ الْفُقَهَاء . وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ مَالِك. قَالَ يَحْيَى بْن يَحْيَى : تَفْضِيل بَعْض الْقُرْآن عَلَى بَعْض خَطَأ , وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِك أَنْ تُعَادَ سُورَة أَوْ تُرَدَّد دُون غَيْرهَا . وَقَالَ عَنْ مَالِك فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : " نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلهَا " [ الْبَقَرَة : 106 ] قَالَ : مُحْكَمَة مَكَان مَنْسُوخَة . وَرَوَى اِبْن كِنَانَة مِثْل ذَلِكَ كُلّه عَنْ مَالِك . وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِأَنْ قَالُوا : إِنَّ الْأَفْضَلَ يُشْعِر بِنَقْصِ الْمَفْضُول , وَالذَّاتِيَّة فِي الْكُلّ وَاحِدَة , وَهِيَ كَلَام اللَّه , وَكَلَام اللَّه تَعَالَى لَا نَقْص فِيهِ . قَالَ الْبُسْتِيّ : وَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَة ( مَا فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل مِثْل أُمّ الْقُرْآن ) : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ الثَّوَاب مِثْل مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمّ الْقُرْآن , إِذْ اللَّه بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّة عَلَى غَيْرهَا مِنْ الْأُمَم , وَأَعْطَاهَا مِنْ الْفَضْل عَلَى قِرَاءَة كَلَامه أَكْثَر مِمَّا أَعْطَى غَيْرهَا مِنْ الْفَضْل عَلَى قِرَاءَة كَلَامه , وَهُوَ فَضْل مِنْهُ لِهَذِهِ الْأُمَّة. قَالَ وَمَعْنَى قَوْله : ( أَعْظَم سُورَة ) أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْر , لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآن أَفْضَل مِنْ بَعْض . وَقَالَ قَوْم بِالتَّفْضِيلِ , وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْله تَعَالَى " إِلَهكُمْ إِلَه وَاحِد لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم " [ الْبَقَرَة : 163 ] وَآيَة الْكُرْسِيّ , وَآخِر سُورَة الْحَشْر , وَسُورَة الْإِخْلَاص مِنْ الدَّلَالَات عَلَى وَحْدَانِيّته وَصِفَاته لَيْسَ مَوْجُودًا مَثَلًا فِي " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب " [ الْمَسَد : 1 ] وَمَا كَانَ مِثْلهَا .

وَالتَّفْضِيل إِنَّمَا هُوَ بِالْمَعَانِي الْعَجِيبَة وَكَثْرَتهَا , لَا مِنْ حَيْثُ الصِّفَة , وَهَذَا هُوَ الْحَقّ . وَمِمَّنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ , وَهُوَ اِخْتِيَار الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَابْن الْحَصَّار , لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى وَحَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ قَالَ قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أُبَيّ أَيّ آيَة مَعَك فِي كِتَاب اللَّه أَعْظَم ) قَالَ فَقُلْت : " اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم " [ الْبَقَرَة : 255 ] . قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ : ( لِيَهْنِكَ الْعِلْم أَبَا الْمُنْذِر ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم .

قَالَ اِبْن الْحَصَّار : عَجَبِي مِمَّنْ يَذْكُر الِاخْتِلَافَ مَعَ هَذِهِ النُّصُوص . وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : قَوْله : ( مَا أَنْزَلَ اللَّه فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الْقُرْآن مِثْلَهَا ) وَسَكَتَ عَنْ سَائِر الْكُتُب , كَالصُّحُفِ الْمُنَزَّلَة وَالزَّبُور وَغَيْرهَا , لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَةَ أَفْضَلهَا , وَإِذَا كَانَ الشَّيْء أَفْضَلَ الْأَفْضَلِ , صَارَ أَفْضَلَ الْكُلِّ . كَقَوْلِك : زَيْد أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ أَفْضَلُ النَّاسِ . وَفِي الْفَاتِحَة مِنْ الصِّفَات مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا , حَتَّى قِيلَ : إِنَّ جَمِيعَ الْقُرْآن فِيهَا . وَهِيَ خَمْس وَعِشْرُونَ كَلِمَة تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ عُلُوم الْقُرْآن. وَمِنْ شَرَفهَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانه قَسَمَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْده , وَلَا تَصِحّ الْقُرْبَة إِلَّا بِهَا , وَلَا يُلْحَق عَمَل بِثَوَابِهَا , وَبِهَذَا الْمَعْنَى صَارَتْ أُمّ الْقُرْآن الْعَظِيم , كَمَا صَارَتْ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " تَعْدِل ثُلُثَ الْقُرْآن , إِذْ الْقُرْآن تَوْحِيد وَأَحْكَام وَوَعْظ , وَ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " فِيهَا التَّوْحِيد كُلّه , وَبِهَذَا الْمَعْنَى وَقَعَ الْبَيَان فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لِأُبَيٍّ . ( أَيّ آيَة فِي الْقُرْآن أَعْظَم ) قَالَ : " اللَّه لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم " [ الْبَقَرَة : 255 ] . وَإِنَّمَا كَانَتْ أَعْظَمَ آيَة لِأَنَّهَا تَوْحِيد كُلّهَا كَمَا صَارَ قَوْله : ( أَفْضَل مَا قُلْته أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) أَفْضَل الذِّكْر ; لِأَنَّهَا كَلِمَات حَوَتْ جَمِيعَ الْعُلُوم فِي التَّوْحِيد , وَالْفَاتِحَة تَضَمَّنَتْ التَّوْحِيدَ وَالْعِبَادَةَ وَالْوَعْظَ وَالتَّذْكِيرَ , وَلَا يُسْتَبْعَد ذَلِكَ فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى .

الثَّالِثَة : رَوَى عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتِحَة الْكِتَاب , وَآيَة الْكُرْسِيّ , وَشَهِدَ اللَّه أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , وَقُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك , هَذِهِ الْآيَات مُعَلَّقَات بِالْعَرْشِ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ اللَّه حِجَاب ) . أَسْنَدَهُ أَبُو عَمْرو الدَّانِي فِي كِتَاب الْبَيَان لَهُ .

الرَّابِعَة : فِي أَسْمَائِهَا , وَهِيَ اِثْنَا عَشَر اِسْمًا :

( الْأَوَّل ) : الصَّلَاة , قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ) الْحَدِيث . وَقَدْ تَقَدَّمَ .

( الثَّانِي ) : الْحَمْد , لِأَنَّ فِيهَا ذِكْر الْحَمْد ; كَمَا يُقَال : سُورَة الْأَعْرَاف , وَالْأَنْفَال , وَالتَّوْبَة , وَنَحْوهَا .

( الثَّالِث ) : فَاتِحَة الْكِتَاب , مِنْ غَيْر خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء ; وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تُفْتَتَح قِرَاءَة الْقُرْآن بِهَا لَفْظًا , وَتُفْتَتَح بِهَا الْكِتَابَة فِي الْمُصْحَف خَطًّا , وَتُفْتَتَح بِهَا الصَّلَوَات .

( الرَّابِع ) : أُمّ الْكِتَاب , وَفِي هَذَا الِاسْم خِلَاف , جَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرِهَهُ أَنَس وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ . قَالَ الْحَسَن : أُمّ الْكِتَاب الْحَلَال وَالْحَرَام , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات " [ آل عِمْرَان : 7 ] . وَقَالَ أَنَس وَابْن سِيرِينَ : أُمّ الْكِتَاب اِسْم اللَّوْح الْمَحْفُوظ . قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب " . [ الزُّخْرُف : 4 ] .

( الْخَامِس ) : أُمّ الْقُرْآن , وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا , فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرَّرَهُ أَنَس وَابْن سِيرِينَ ; وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة تَرُدّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ . رَوَى التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَمْد لِلَّهِ أُمّ الْقُرْآن وَأُمّ الْكِتَاب وَالسَّبْع الْمَثَانِي ) قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَفِي الْبُخَارِيّ قَالَ : وَسُمِّيَتْ أُمّ الْكِتَاب لِأَنَّهُ يُبْتَدَأ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِف , وَيُبْدَأ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاة . وَقَالَ يَحْيَى بْن يَعْمُر : أُمّ الْقُرَى : مَكَّة , وَأُمّ خُرَاسَان : مَرْو , وَأُمّ الْقُرْآن : سُورَة الْحَمْد . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ أُمّ الْقُرْآن لِأَنَّهَا أَوَّله وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه , وَبِهِ سُمِّيَتْ مَكَّة أُمّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَوَّل الْأَرْض وَمِنْهَا دُحِيَتْ , وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْأُمّ أُمًّا لِأَنَّهَا أَصْل النَّسْل , وَالْأَرْض أُمًّا , فِي قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : فَالْأَرْض مَعْقِلنَا وَكَانَتْ أُمّنَا فِيهَا مَقَابِرنَا وَفِيهَا نُولَد وَيُقَال لِرَايَةِ الْحَرْب : أُمٌّ ; لِتَقَدُّمِهَا وَاتِّبَاع الْجَيْش لَهَا. وَأَصْل أُمّ أُمَّهَةٌ , وَلِذَلِكَ تُجْمَع عَلَى أُمَّهَات , قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَأُمَّهَاتكُمْ " . وَيُقَال أُمَّات بِغَيْرِ هَاء . قَالَ : فَرَجْت الظَّلَامَ بِأُمَّاتِكَا وَقِيلَ : إِنَّ أُمَّهَات فِي النَّاس , وَأُمَّات فِي الْبَهَائِم ; حَكَاهُ اِبْن فَارِس فِي الْمُجْمَل.

( السَّادِس ) : الْمَثَانِي , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلّ رَكْعَة . وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الْأُمَّة فَلَمْ تَنْزِل عَلَى أَحَد قَبْلَهَا ذُخْرًا لَهَا .

( السَّابِع ) : الْقُرْآن الْعَظِيم , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ عُلُوم الْقُرْآن , وَذَلِكَ أَنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى الثَّنَاء عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَجَلَاله , وَعَلَى الْأَمْر بِالْعِبَادَاتِ وَالْإِخْلَاص فِيهَا , وَالِاعْتِرَاف بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَام بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِإِعَانَتِهِ تَعَالَى , وَعَلَى الِابْتِهَال إِلَيْهِ فِي الْهِدَايَة إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم ; وَكِفَايَة أَحْوَال النَّاكِثِينَ , وَعَلَى بَيَانه عَاقِبَةَ الْجَاحِدِينَ.

( الثَّامِن ) : الشِّفَاء , رَوَى الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاتِحَة الْكِتَاب شِفَاء مِنْ كُلّ سُمّ ) .

( التَّاسِع ) : الرُّقْيَة , ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ , الَّذِي رَقَى سَيِّدَ الْحَيّ : ( مَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه شَيْء أُلْقِيَ فِي رَوْعِي ; الْحَدِيث . خَرَّجَهُ الْأَئِمَّة , وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ .

( الْعَاشِر ) : الْأَسَاس , شَكَا رَجُل إِلَى الشَّعْبِيّ وَجَع الْخَاصِرَة ; فَقَالَ : عَلَيْك بِأَسَاسِ الْقُرْآن فَاتِحَة الْكِتَاب , سَمِعْت اِبْنَ عَبَّاس يَقُول : لِكُلِّ شَيْء أَسَاس , وَأَسَاس الدُّنْيَا مَكَّة , لِأَنَّهَا مِنْهَا دُحِيَتْ ; وَأَسَاس السَّمَوَات عَرِيبَا , وَهِيَ السَّمَاء السَّابِعَة ; وَأَسَاس الْأَرْض عَجِيبَا , وَهِيَ الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى ; وَأَسَاس الْجِنَان جَنَّة عَدْن , وَهِيَ سُرَّة الْجِنَان عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الْجَنَّة ; وَأَسَاس النَّار جَهَنَّم , وَهِيَ الدَّرَكَة السَّابِعَة السُّفْلَى عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الدَّرَكَات , وَأَسَاس الْخَلْق آدَم , وَأَسَاس الْأَنْبِيَاء نُوح ; وَأَسَاس بَنِي إِسْرَائِيل يَعْقُوب ; وَأَسَاس الْكُتُب الْقُرْآن ; وَأَسَاس الْقُرْآن الْفَاتِحَة ; وَأَسَاس الْفَاتِحَة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم ; فَإِذَا اِعْتَلَلْت أَوْ اِشْتَكَيْت فَعَلَيْك بِالْفَاتِحَةِ تُشْفَى .

( الْحَادِي عَشَر ) : الْوَافِيَة , قَالَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , لِأَنَّهَا لَا تَتَنَصَّف وَلَا تَحْتَمِل الِاخْتِزَال , وَلَوْ قَرَأَ مِنْ سَائِر السُّوَر نِصْفَهَا فِي رَكْعَة , وَنِصْفهَا الْآخَر فِي رَكْعَة لَأَجْزَأَ ; وَلَوْ نُصِّفَتْ الْفَاتِحَة فِي رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُجْزِ .

( الثَّانِي عَشَر ) : الْكَافِيَة , قَالَ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير : لِأَنَّهَا تَكْفِي عَنْ سِوَاهَا وَلَا يَكْفِي سِوَاهَا عَنْهَا . يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى مُحَمَّد بْن خَلَّاد الْإسْكَنْدَرانِيّ قَالَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمّ الْقُرْآن عِوَض مِنْ غَيْرهَا وَلَيْسَ غَيْرهَا مِنْهَا عِوَضًا ) .

الْخَامِسَة : قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّ مَوْضِع الرُّقْيَة مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ " إِيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين " [ الْفَاتِحَة : الْآيَة 5 ] . وَقِيلَ : السُّورَة كُلّهَا رُقْيَة , لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام لِلرَّجُلِ لَمَّا أَخْبَرَهُ : ( وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ) وَلَمْ يَقُلْ : أَنَّ فِيهَا رُقْيَة ; فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ السُّورَةَ بِأَجْمَعِهَا رُقْيَة , لِأَنَّهَا فَاتِحَة الْكِتَاب وَمَبْدَؤُهُ , وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه , كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم.

السَّادِسَة : لَيْسَ فِي تَسْمِيَتهَا بِالْمَثَانِي وَأُمّ الْكِتَاب مَا يَمْنَع مِنْ تَسْمِيَة غَيْرهَا بِذَلِكَ , قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ " [ الزُّمَر : 23 ] فَأَطْلَقَ عَلَى كِتَابه : مَثَانِيَ ; لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تُثَنَّى فِيهِ . وَقَدْ سُمِّيَتْ السَّبْع الطُّوَل أَيْضًا مَثَانِيَ ; لِأَنَّ الْفَرَائِضَ وَالْقَصَص تُثَنَّى فِيهَا . قَالَ اِبْن عَبَّاس : أُوتِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي ; قَالَ : السَّبْع الطُّوَل . ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ , وَهِيَ مِنْ " الْبَقَرَة " إِلَى " الْأَعْرَاف " سِتّ , وَاخْتَلَفُوا فِي السَّابِعَة , فَقِيلَ : يُونُس , وَقِيلَ : الْأَنْفَال وَالتَّوْبَة ; وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر . وَقَالَ أَعْشَى هَمْدَان : فَلِجُوا الْمَسْجِدَ وَادْعُوا رَبَّكُمْ وَادْرُسُوا هَذِي الْمَثَانِيَ وَالطُّوَل وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيد بَيَان فِي سُورَة " الْحِجْر " إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .

السَّابِعَة : الْمَثَانِي جَمْع مَثْنَى , وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ بَعْدَ الْأُولَى , وَالطُّوَل جَمْع أَطْوَل . وَقَدْ سُمِّيَتْ الْأَنْفَال مِنْ الْمَثَانِي لِأَنَّهَا تَتْلُو الطُّوَل فِي الْقَدْر . وَقِيلَ : هِيَ الَّتِي تَزِيد آيَاتهَا عَلَى الْمُفَصَّل وَتَنْقُص عَنْ الْمِئِينَ. وَالْمِئُونَ : هِيَ السُّوَر الَّتِي تَزِيد كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا عَلَى مِائَة آيَة .

[ الْبَاب الثَّانِي - فِي نُزُولهَا وَأَحْكَامهَا ] وَفِيهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَة

الْأُولَى : أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَاب سَبْع آيَات ; إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ حُسَيْن الْجُعْفِيّ : أَنَّهَا سِتّ ; وَهَذَا شَاذّ. وَإِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرو بْن عُبَيْد أَنَّهُ جَعَلَ " إِيَّاكَ نَعْبُد " آيَة , وَهِيَ عَلَى عِدَّة ثَمَانِي آيَات ; وَهَذَا شَاذّ . وَقَوْله تَعَالَى : " وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي " [ الْحِجْر : 87 ] , وقَوْله : ( قَسَمْت الصَّلَاةَ ) الْحَدِيث , يَرُدّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ . وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآن . فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَأَثْبَتهَا عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي مُصْحَفه , فَلَمَّا لَمْ يُثْبِتهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآن , كَالْمُعَوِّذَتَيْنِ عِنْدَهُ. فَالْجَوَاب مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْر الْأَنْبَارِيّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الْحُبَاب حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن الْأَشْعَث حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي قُدَامَةَ حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ الْأَعْمَش قَالَ : أَظُنّهُ عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ : قِيلَ لِعَبْدِ اللَّه بْن مَسْعُود : لِمَ لَمْ تَكْتُب فَاتِحَةَ الْكِتَاب فِي مُصْحَفك ؟ قَالَ لَوْ كَتَبْتهَا لَكَتَبْتهَا مَعَ كُلّ سُورَة . قَالَ أَبُو بَكْر : يَعْنِي أَنَّ كُلّ رَكْعَة سَبِيلهَا أَنْ تُفْتَتَحَ بِأُمِّ الْقُرْآن قَبْل السُّورَة الْمَتْلُوَّة بَعْدَهَا , فَقَالَ : اِخْتَصَرْت بِإِسْقَاطِهَا , وَوَثِقْت بِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا , وَلَمْ أُثْبِتهَا فِي مَوْضِع فَيَلْزَمنِي أَنْ أَكْتُبَهَا مَعَ كُلّ سُوَره , إِذْ كَانَتْ تَتَقَدَّمهَا فِي الصَّلَاة.

الثَّانِيَة : اِخْتَلَفُوا أَهِيَ مَكِّيَّة أَمْ مَدَنِيَّة ؟ فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَأَبُو الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ - وَاسْمه رُفَيْع - وَغَيْرهمْ : هِيَ مَكِّيَّة. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَمُجَاهِد وَعَطَاء بْن يَسَار وَالزُّهْرِيّ وَغَيْرهمْ : هِيَ مَدَنِيَّة . وَيُقَال : نَزَلَ نِصْفهَا بِمَكَّة , وَنِصْفهَا بِالْمَدِينَةِ. حَكَاهُ أَبُو اللَّيْث نَصْر بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم السَّمَرْقَنْدِيّ فِي تَفْسِيره . وَالْأَوَّل أَصَحّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلَقَدْ آتَيْنَاك سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ " [ الْحِجْر : 87 ] وَالْحِجْر مَكِّيَّة بِإِجْمَاعٍ . وَلَا خِلَافَ أَنَّ فَرْض الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ . وَمَا حُفِظَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَام قَطُّ صَلَاة بِغَيْرِ " الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " ; يَدُلّ عَلَى هَذَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَاب ) . وَهَذَا خَبَر عَنْ الْحُكْم , لَا عَنْ الِابْتِدَاء , وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي اِبْن الطَّيِّب اِخْتِلَافَ النَّاس فِي أَوَّل مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن ; فَقِيلَ : الْمُدَّثِّر , وَقِيلَ : اِقْرَأْ , وَقِيلَ : الْفَاتِحَة. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَنْ أَبِي مَيْسَرَة عَمْرو بْن شُرَحْبِيل أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِخَدِيجَة : ( إِنِّي إِذَا خَلَوْت وَحْدِي سَمِعْت نِدَاءً وَقَدْ وَاَللَّه خَشِيت أَنْ يَكُونَ هَذَا أَمْرًا ) قَالَتْ : مَعَاذ اللَّه ! مَا كَانَ اللَّه لِيَفْعَلَ بِك , فَوَاَللَّهِ إِنَّك لَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ , وَتَصِل الرَّحِمَ , وَتَصْدُق الْحَدِيثَ . فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْر - وَلَيْسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ - ذَكَرَتْ خَدِيجَة حَدِيثَهُ لَهُ , قَالَتْ : يَا عَتِيق , اِذْهَبْ مَعَ مُحَمَّد إِلَى وَرَقَة بْن نَوْفَل . فَلَمَّا دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ أَبُو بَكْر بِيَدِهِ , فَقَالَ : اِنْطَلِقْ بِنَا إِلَى وَرَقَة , فَقَالَ : ( وَمَنْ أَخْبَرَك ) . قَالَ : خَدِيجَة , فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ فَقَصَّا عَلَيْهِ ; فَقَالَ : ( إِذَا خَلَوْت وَحْدِي سَمِعْت نِدَاء خَلْفِي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَنْطَلِق هَارِبًا فِي الْأَرْض ) فَقَالَ : لَا تَفْعَل , إِذَا أَتَاك فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُول ثُمَّ اِئْتِنِي فَأَخْبِرْنِي . فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ : يَا مُحَمَّد , قُلْ " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ - حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ " , قُلْ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . فَأَتَى وَرَقَة فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ; فَقَالَ لَهُ وَرَقَة : أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ , فَأَنَا أَشْهَد أَنَّك الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَأَنَّك عَلَى مِثْل نَامُوس مُوسَى , وَأَنَّك نَبِيّ مُرْسَل , وَأَنَّك سَوْفَ تُؤْمَر بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمك هَذَا , وَإِنْ يُدْرِكنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ مَعَك . فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرَقَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ رَأَيْت الْقَسّ فِي الْجَنَّة عَلَيْهِ ثِيَاب الْحَرِير لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي ) يَعْنِي وَرَقَة . قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هَذَا مُنْقَطِع . يَعْنِي هَذَا الْحَدِيث , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ نُزُولهَا بَعْدَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ " اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك " [ الْعَلَق : 1 ] وَ " يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر " [ الْمُدَّثِّر : 1 ] .

الثَّالِثَة : قَالَ اِبْن عَطِيَّة : ظَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَنْزِل بِسُورَةِ الْحَمْد ; لِمَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : بَيْنَمَا جِبْرِيل قَاعِد عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقه , فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : هَذَا بَاب مِنْ السَّمَاء فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَح قَطُّ إِلَّا الْيَوْم , فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَك , فَقَالَ : هَذَا مَلَك نَزَلَ إِلَى الْأَرْض لَمْ يَنْزِل قَطُّ إِلَّا الْيَوْم ; فَسَلَّمَ وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتهمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيّ قَبْلَك : فَاتِحَة الْكِتَاب , وَخَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة ; لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيته . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ , فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام تَقَدَّمَ الْمَلَك إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْلِمًا بِهِ وَبِمَا يَنْزِل مَعَهُ ; وَعَلَى هَذَا يَكُون جِبْرِيل شَارَكَ فِي نُزُولهَا ; وَاَللَّه أَعْلَم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www-islamic-library.yoo7.com
 
بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة
» بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 2
» بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة 3
» بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة5
» بحث جامعي لتفسير صورة الفاتحة6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المكتبة الاسلامية :: قسم الحديث وشرحه-
انتقل الى: